المطالبة بالإفراج عن المعتقلين الخمسة على خلفية تجمع ذوي المعتقلين أمام وزارة الداخلية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم ) تطالب بالإفراج الفوري عن بقية المعتقلين الخمسة على خلفية اعتصام أسر المعتقلين السياسيين، وتطالب هيئة التحقيق بالقيام بواجبها في الدفاع عن العدالة, وتندد بامتهان عناصر وزارة الداخلية للنساء المعتصمات.

 

الأحد 9 شعبان 1432هـ، الموافق 10 يوليو 2011م.

الرياض، المملكة العربية السعودية.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه الذين أقاموا معالم العدل والشورى,

تطالب جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) السلطات السعودية، ممثلة في وزارة الداخلية، الإفراج الفوري عن بقية المعتقلين الخمسة:

1.    سعود بن بركات الشمري،

2.    عامر بن ظافر الشهري،

3.    محمد بن عايض الرشيد،

4.    محمد الخميس،

5.    عقاب المرزوقي.

الذين تم اعتقالهم على خلفية تجمع أسر المعتقلين السياسيين أمام مبنى وزارة الداخلية بالرياض، في يوم الأحد الثاني من شعبان 1432هـ الموافق 3 يوليو 2011م، فما قاموا به هو تصرف حضاري سلمي، دفعهم له انسداد الأفق وفقدان الأمل، وفشل القنوات الرسمية في تحقيق العدالة لذويهم الذين لازالوا يقبعون في زنزانات وزارة الداخلية لسنوات طويلة، دون تهم أو محاكمات.

 

وكانت وسائل إعلام محلية قد نشرت نية وزارة الداخلية، التي عبرت عنها هيئة التحقيق والإدعاء العام، توجيه اتهام ضد المعتقلين الخمسة تتعلق بالتحريض و”التغرير بنساء وأطفال للتجمع على طريق عام، أمام مبنى وزارة الداخلية في الرياض، للمطالبة بإطلاق معتقلين في قضايا ذات صلة بالإرهاب، من دون محاكمة.” والجمعية تستغرب من موقف الهيئة التي اعتبرت جميع المعتقلين مذنبين ابتداءا،  قبل إعطائهم الفرصة للدفاع عن أنفسهم في محاكمة علانية وعادلة، أليس المتهم بريء حتى تثبت إدانته وفقاً لقواعد وضوابط قانونية وعدلية واضحة؟

 

ووزارة الداخلية آخر من يتحدث عن مخالفة الأنظمة، فهي التي تستمر في سياستها باعتقال عشرات الآلاف من المتهمين لسنوات طويلة خارج سلطة القانون، وتجاهل هيئة التحقيق والإدعاء العام، ممثلة في الموقف المخزي لرئيسها محمد فهد العبدالله، لهذه الكارثة الإنسانية. ففي الوقت الذي تغض هيئة التحقيق والإدعاء العام عن اعتقال ما يقارب ثلاثين ألف من أبناء البلد، وعدم تقديمهم للمحاكمة، ومحاكمة البعض في محاكمات سرية تفتقر لأبسط معايير العدالة والنزاهة، تتحمس الهيئة لتوجيه الاتهام وتجريم أقارب السجناء الذين أتوا للاستفسار عن مصير ذويهم المجهول، وتتعمد تلفيق تهم “التحريض والتغرير” لهم كذباً وزوراً.

 

والجمعية تعلن تحديها الصريح لوزارة الداخلية وهيئة التحقيق والإدعاء العام أن توجه الاتهام الصريح لجميع المعتقلين في السجون، ومحاكمتهم علانية، بوجود محاميهم وذويهم والناشطين والمهتمين بالشأن العام والصحفيين، ولكن الجميع يعلم سياسة وزارة الداخلية في إنشاء محاكم تابعة لها، لا علاقة لها البتة بالسلطة القضائية، مبنية على السرية، وتفتقر للعدالة والنزاهة، لأجل إخفاء الحقيقية واغتيال العدالة. وتتواطأ هيئة التحقيق والإدعاء العام مع وزارة الداخلية، في تلفيق التهم والسكوت عن الانتهاكات والتجاوزات الخطيرة في حقوق سجناء وزارة الداخلية، الذين أمضوا في السجون سنوات طويلة دون تهم أو محاكمات، وتعرضهم لتعذيب جسدي ونفسي فظيع، ورئيس هيئة التحقيق والإدعاء العام يعلم شخصياً جميع تلك الممارسات، من خلال بلاغات تقدم بها ذووا المعتقلين والناشطون والحقوقيون وفقاً لأنظمة الهيئة والإجراءات الجزائية، ولم يحرك رئيس الهيئة ساكناً، بل اكتفى بالقول بأنه “ليس لهيئته سلطة على سجون المباحث”!!

 

والجمعية لديها أدلة كافية لإدانة رئيس هيئة التحقيق والإدعاء أمام محكمة تفي بالحد الأدنى من معايير الحياد، فلدينا وثائق وشهادات متواترة بممارسات رئيس الهيئة التي تنتهك حقوق المتهم والسجين، والتي تتمثل في قيامه بتوثيق اعترافات سجناء الزنازين التي انتزعت من خلال التعذيب والإكراه والتهديد، ناهيك عن دوره المشبوه في التآمر على العدالة من خلال تلفيق التهم على الأبرياء، خدمة لرئيسة المباشر، وزير الداخلية. وسجل محمد فهد العبدالله، الرئيس الحالي لهيئة التحقيق والإدعاء العام، معروف عندما كان قاضِ في محكمة الرياض العامة، أهّله ليتبوأ أعلى منصب في جهاز الإدعاء العام، الذي يمثل رجل القانون الأول، لكنه مع الأسف الشديد لازال يخل بواجباته النظامية، ونحن نقول لرئيس الإدعاء العام وأعضاء الهيئة المتواطئين معه في تلفيق التهم ضد الأبرياء، سيأتي اليوم الذي تُصدر فيه لائحات اتهام ومذكرات اعتقال من محاكم تستمد سلطاتها مباشرة من الشعب، ليس ضدكم فحسب، بل وضد ضباط المباحث والمحققين والسجانين والقضاة، المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة والممنهجة، إنه يوم ترونه بعيداً ونراه قريباً.      

 

 وتنتهز جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) هذه الفرصة لتحيي الناشطات الحقوقيات اللاتي صبرن في الاعتقال، تضامناً مع المعتقلين السياسيين، وتبياناً لمظلمتهم، وتعاطفاً مع مأساتهم، خصوصاً الناشطتين الحقوقيتين ريما الجريش، عضوة الجمعية، وشريفة الصقعبي، وهما من الموقعين على “بيان الرياض” الإصلاحي الذي أصدره مؤخرا تيار الدستور الإسلامي في السعودية. وترحب الجمعية بالموقف الشجاع للأخت ريما الجريش (أم معاذ) عندما قررت الثبات في الاعتقال، رافضة توقيع اعتذار عن اعتصامها أمام مبنى وزارة الداخلية، لأنها لم تخالف نظاماً، بل اعتبرت أن الحق في التجمع والاعتصام هو حق مشروع، لا يخالف تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء، وتأكده العهود والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الحكومة السعودية.

 

وتندد الجمعية بممارسات عناصر وزارة الداخلية في قمع المتظاهرات أمام مبنى وزارة الداخلية، حيث أفادت إحدى النسوة أنها طُرحت أرضاً ورُكلت بأقدام أفراد وزارة الداخلية، وإذا كان النظام السعودي، ووزير الداخلية على وجه الخصوص، يستخدم شعار “الجوهرة المصونة” في وصف المرأة السعودية، تبريراً لحرمانها من حقوقها المدنية والسياسية والنظامية، فكيف يسمح لتلك الجوهرة أن تطرح أرضاً وتداس بالأقدام!!

 

والأنظمة السعودية، تؤكدها ممارسات وزارة الداخلية، تنتهك حقوق الأفراد وتحرمهم من حقوقهم المدنية والسياسية التي كفلتها الأنظمة السارية، فعندما يدافع المظلومون عن حقوقهم المستباحة، تقوم أجهزة القمع باعتقالهم، وتتولى هيئة التحقيق والإدعاء العام تلفيق التهم ضدهم، ويمضون في السجون فترات طويلة دون أمر قضائي، وعندما تقرر الإفراج عنهم تشترط كفيل يضمن عدم عودة المكفول إلى ممارسة نشاطه السلمي السابق، ويكتب الناشط تعهد خطّي أن ما قام به يعد “عصياناً لولي الأمر”، الذي هو بمثابة وصاية الحاكم على الشعب، ووكالته عليه باستخدام خطاب ديني محرّف، يبرر الظلم، ويشرع الاستبداد، ويطالب الناس بالصبر لنيل الآخرة.

 

والصورة بالنسبة للمرأة السعودية أكثر فداحة في الظلم، فبالإضافة إلى حرمانها من حقوقها الطبيعية التي كفلتها الشريعة الإسلامية، فإن حقوقها المدنية والسياسية تنتهك بخطاب ديني إقصائي تصدره المؤسسة الدينية إرضاء للعناصر المتطرفة، ويغض النظام السياسي الطرف عنه نظراً لارتباط شرعيته بمواقف المؤسسة الدينية المساندة له. وتطلب جهات الاعتقال من الناشطة الحقوقية حضور أحد “محارمها”، مثل الأب أو الأخ أو الابن، ويشترط أن يكون موظفاً، حتى يسهل الضغط عليه، وابتزازه في مصدر رزقه، حتى يقوم بدوره بقمع قريبته، ومن ثم إسكاتها عن المطالبة بحقوقها الشرعية والنظامية.

 

بل أن في حالة الناشطات الحقوقيات، تحاول عناصر وزارة الداخلية ابتزازهن بسمعتهن لأجل إسكاتهن، مثل ما حدث للمتظاهرات من قريبات المعتقلين السياسيين في منطقة القصيم، حيث وجهت وزارة الداخلية هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لاعتقالهن، التي قامت باتهامهن بأنهن عرّضن سمعتهن للابتذال.

 

وعندما تقوم أجهزة الأمن الرسمية بقمع التجمعات السلمية، واعتقال الناشطين في حقل حقوق الإنسان مثل الدكتور مبارك بن سعيد آل زعير، والأستاذ فاضل المناسف والأستاذ محمد بن صالح البجادي (عضو الجمعية)؛ ومصادرة حرية الرأي وقمع حق التعبير السلمي، من خلال الاعتقال التعسفي، مثل سجن الدكتور يوسف الأحمد، والشيخ سليمان الدويش، والشيخ مخلف بن دهام الشمري؛ وشل حركة المجتمع المدني، فإن هذا يعني أن الدولة لا تريد أن تحارب العنف، وليست جادة في دعم التسامح الديني. ولو كان النظام السعودي جاداً في القضاء على العنف والتطرف، لدعم النشاط الحقوقي والسياسي السلمي.

 

وفي الختام تجدد الجمعية ندائها لجميع الناشطين والناشطات في مجال حقوق الإنسان إلى تبني النضال السلمي المنظم، ليس لرفع الظلم عن المعتقلين السياسيين فحسب، بل وحتى تنال الأمة، بكافة أطيافها ومذاهبها، جميع الحقوق السياسية والمدنية، والتي تنطلق من قوامة الأمة على النظام السياسي من خلال نوابها الشرعيين المنتخبين، ويكون الحاكم وكيل عنها، لا وكيل ووصي عليها.              

  

 

والله ولي التوفيق،

 

جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) في السعودية.

4 thoughts on “المطالبة بالإفراج عن المعتقلين الخمسة على خلفية تجمع ذوي المعتقلين أمام وزارة الداخلية”

  1. باااااااارك الله فيكم و جزاكم كل خير ,
    المقال في الصميم, و صراحتكم فقدتها الجهات الأخرى أثابكم الله .

    انشروا المقال بشكل وااااااااسع
    فعدد القراءات رقم ضعيف بالنسبة لقوّة المقال,
    أرجوكم ساهموا في نشره في جميع الجهات.

Comments are closed.

مواضيع مشابهه

بيان عن اعتقال رئيس جمعية حسم الشيخ سليمان الرشوديبيان عن اعتقال رئيس جمعية حسم الشيخ سليمان الرشودي

بســــم الله الرحمن الرحيم السلطات السعودية تعتقل الشيخ سليمان الرشودي رئيس جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) الخميس 29 محرم 1434هـ، 13 ديسمبر 2012م الرياض، المملكة العربية السعودية   أقدمت وزارة

إقـرأ المزيدإقـرأ المزيد

البيان الأول عن المحاكمة السياسية لعضو جمعية حسم: فوزان الحربيالبيان الأول عن المحاكمة السياسية لعضو جمعية حسم: فوزان الحربي

بســــم الله الرحمن الرحيم بيان عن الجلسة الأولى من المحاكمة السياسية للمدافع عن حقوق الإنسان والمطالب بالإصلاح الدستوري وسلطة الأمة: فوزان بن محسن الحربي وهو من الأعضاء المؤسسين لجمعية الحقوق

إقـرأ المزيدإقـرأ المزيد

البيان 4 من المحاكمة السياسية للدكتور عبدالكريم الخضر عضو حسمالبيان 4 من المحاكمة السياسية للدكتور عبدالكريم الخضر عضو حسم

  بســم الله الرحمن الرحيم   البيان الرابع عن المحاكمة السياسية للمطالب بشروط البيعة (سلطة الأمة) وحقوق الإنسان الأستاذ الدكتور عبدالكريم بن يوسف الخضر وهو من الأعضاء المؤسسين لجمعية الحقوق

إقـرأ المزيدإقـرأ المزيد