الجمعية في خطاب للملك عبدالله: اعتقال وزارة الداخلية للناشطين العتيبي والعمير هو عين الارهاب

بسم الله الرحمن الرحيم

اعتقال محمد العتيبي وخالد العمير أكثر من عام على مجرد محاولة اعتصام
من البراهين على أن سياسة وزارة الداخلية هي أم الإرهاب ومرضعته؟

التاريخ: الثلاثاء 19‏/01‏/1431 هـ (‏05‏/01‏/2010)

خادم الحرمين الشريفين: الملك عبد الله بن عبد العزيز سدد الله خطاكم في درب العدل والشورى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد مضى أكثر من عام على اعتقال الناشطين خالد سليمان العمير ومحمد عبدالله العتيبي اعتقالا تعسفيا منذ 4 محرم 1430هـ الموافق 1 يناير 2009م بسبب ممارستهما حقهما الطبيعي في التعبير السلمي بمحاولتهما الاعتصام السلمي احتجاجا على مجازر الجيش الاسرائيلي في غزة. ومنذ ذلك التاريخ وهما محرومان من حقوقهما القضائية التي كفلها نظام الاجراءات الجزائية فلم يمكنا من توكيل محاميين عنهما، ولم تتول هيئة التحقيق والادعاء العام التحقيق معهما. ولم يحالا الى أي محاكمة تتوافر فيها ضوابط العدالة، التي أهمها العلنية وحضور محاميين عنهما.
وهناك معلومات تدل على تواصل تعذيبهما تعذيبا جسديا ونفسيا، ويدل على ذلك سجنهما ضمن المتهمين بالجرائم الجنائية كالمخدرات ، وهناك معلومات أخرى-لم يتأكد منها- تفيد أن هيئة التحقيق والادعاء العام أمرت بإطلاق سراحهما، منذ سبعة أشهر، ولكن جهة الاعتقال وهي المباحث السياسية لم تنفذ الأمر.

خادم الحرمين الشريفين

إن جمعية الحقوق المدنية السياسية تؤكدان الناشطين خالد العمير ومحمد العتيبي مجاهدان مدنيان لا مجرد مظلومين ظلما صريحا للاعتبارات التالية:

1=إن اعتقال الناشطين اعتقال تعسفي، بناء على تعريف الاعتقال التعسفي وتوصيفه في القوانين العدلية، التي أقرتها المعاهدات الدولية، فضلا عن تعريفه في الشريعة الإسلامية.
ومهما كان موقفهما من الجمعية، ومن أعضائها -من قبل ومن بعد-الذين دعوا للاعتصام، واستأذنوا وزارة الداخلية في الاعتصام وتوقفوا عن القيام به عندما لم توافق، لاعتبارات وموازنات قدرها الداعون للاعتصام- ومهما كان موقف الجمعية منهما، فإن الجمعية تتحرى أن تكون موضوعية في الدفاع عن كل مظلوم، حتى لو خالفها, فتؤكد أن ما قام به الناشطان خالد بن سليمان العمير ومحمد بن عبدالله العتيبي؛ من التعبير والاحتجاج السلمي، هو حق طبيعي للإنسان، ويدخل في إطار حرية الرأي والتعبير ولا يخالف أي قانون عادل.

2= وإذاكان الداعون إلى الاعتصام وقفوا عند نهي وزارة الداخلية؛ لاعتبارات يرونها وجيهة؛ فهذا لا يعني أنهم يرون أن من اعتصم قد أخطأ خطأ شرعيا، لأن الشريعة الإسلامية؛ تعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهادا سلميا، وأيضا فإن الانظمة المحلية والمعاهدات والمواثيق الدولية؛ التي وقعت عليها المملكة العربية السعودية تصرح بوجوب ضمان حرية الرأي والاعتصام والتظاهر، وجميع أشكال التعبير السلمي،ففي النظام الاساسي للحكم تنص المادة الثامنة على أن “يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية”. فكيف تتحقق العدالة والشورى، إذا كان المجتمع الأهلي يقمع عندما يتظاهر، معبرا عن رأيه تجاه حدث من الأحداث، ولا سيما إذا كان الحدث مجزرة غزة؟
وتنص المادة السادسة والعشرون على أن ” تحمى الدولة حقوق الإنسان.. وفق الشريعة الإسلامية”. فأين تطبيق الشريعة التي لم تحجر على الناس التعبير السلمي عن عواطفهم ومصالحهم، بل إن ما فعلاه يدخل في باب الاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكل الدول العربية والإسلامية بل والغربية سمحت لمواطنيها بل شجعتهم على التنديد بجرائم دويلة الاحتلال تجاه الفلسطينيين، على العموم وأهل غزة على الخصوص.
فلقد تابع المسلمون بأسى بالغ العدوان الذي شنته دويلة الاحتلال الصهيوني الغاشم ضد الشعب الفلسطيني، من قتل وتدمير للبنية التحتية، ومحاصرته ومنع أي مساعدة له، لتأمين الحد الأدنى من احتياجاته.
إن الصمت على ما يجري لإخواننا هناك مؤذن بخطر عظيم، لا يقتصر مداه على فلسطين وحدها، بل يتعداها إلى المنطقة بأسرها.
ولذلك فإن من الواجب التضامن مع إخواننا المضطهدين، للحديث الصحيح: “مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
والمسلمون اليوم أحوج ما يكونون للوقوف الصادق مع الشعب الفلسطيني، والاحتجاج الشديد على ممارسات حكومة الاحتلال ومن يعينها، ومن المناسب بل من الواجب الشرعي على الحكومة تشجيع المواطنين على القيام بمسيرات سلمية، للتعبيرعن دعم إخوانهم في فلسطين ، تفعيلا للمجتمع الأهلي في المملكة، لا مجرد الإذن، فضلا عن قمع مشاعرهم النبيلة.
فلماذا في المملكة وحدها-من دون سائر بلدان العالم- يجرم الاعتصام السلمي، تجاه مأساة غزة؟، أليس ذلك من أسباب الاحتقان الشعبي؟، أليس ذلك حرمانا من حق طبيعي لا مرية فيه؟.

3=وليت وزارة الداخلية منعت الاعتصام فحسب، ولكنها زادت الطين بلة فجرمت وسجنت، فلنعد إلى الأنظمة الحكومية إذ تنص المادة الثامنة والثلاثون من النظام الأساسي للحكم على أنه ” لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو نص نظامي ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي “، وفي نظام الاجراءات الجزائية تنص المادة الثانية على أنه ” لا يجوز القبض على أي إنسان، أو تفتيشه، أو توقيفه، أو سجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاماً، ولا يكون التوقيف أو السجن إلا في الأماكن المخصصة لكل منهما وللمدة المحددة من السلطة المختصة•ويحظر إيذاء المقبوض عليه جسدياً، أو معنوياً، كما يحظر تعريضه للتعذيب، أو المعاملة المهينة للكرامة”. وتنص المادة الثالثة على أنه” لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص إلا على أمر محظور ومعاقب عليه شرعاً أو نظاماً وبعد ثبوت إدانته بناءً على حكم نهائي بعد محاكمة تُجرى وفقاً للوجه الشرعي”. فأين المادة التي تصرح أو تلمح أن التظاهر والاعتصام جريمة؟.

4=ولنعد رابعا إلى أن الحكومة أعلنت التزامها المواثيق الدولية، إذ تنص المادة الحادية والثمانون من النظام الاساسي للحكم على أنه” لا يخل تطبيق هذا النظام بما ارتبطت به المملكة العربية السعودية مع الدول والهيئات والمنظمات الدولية من معاهدات واتفاقيات”.
وقد وقعت وصادقت السعودية على عدد من المواثيق والمعاهدات الدولية التي تكفل حقوق الانسان المدنية والسياسية، ولا سيما حقه في التظاهر والاعتصام، ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ الميثاق العربي لحقوق الانسان الذي تنص المادة الرابعة والعشرون منه على أن ” لكل مواطن الحق في حرية الاجتماع وحرية التجمع بصورة سلمية”. وتنص المادة الثانية والثلاثون منه أيضا على أن”يضمن هذا الميثاق الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية”.
والدولة-ياخادم الحرمين الشريفين- بذلك التوقيع على مواثيق حقوق الانسان ملزمة بتطبيق هذه المعاهدات وملزمة بتكييف أنظمتها الداخلية، مع ما التزمت به من مواثيق ومعاهدات دولية، فكيف تخالف في أنظمتها المكتوبة فضلا عن تطبيقاتها، -بصورة صريحة- ما التزمت به أمام هيئة الأمم المتحدة على العموم ومجلسها العالمي لحقوق الإنسان على الخصوص، انتهاكاتها المنهجية المستمرة حقوق الإنسان ألا تثير الريبة، في هدفها من انتسابها إلى هذا المجلس؛ بأنه إنما هو للتغطية على تلك الانتهاكات؟.

5= ولنفترض جدلا أن حبس الناشطين خالد بن سليمان العمير ومحمد بن عبدالله العتيبي غير تعسفي، أليس نظام الاجراءات الجزائية، يحدد مدة الحبس الاحتياطي القصوى بستة أشهر، بعدها يجب أن يطلق سراح المتهم أو أن يحال إلى القضاء، ومع أن هذه المدة تعتبر إجحافا بحق المتهم، حسب القوانين العدلية، التي أقرتها المعاهدات الدولية، فضلا عن مفهوم حقوق الإنسان في الإسلام، الذي نص فيه الفقهاء على أن المتهم لا يجوز أن يحبس على التهمة أكثر من شهر.

6=ولنفترض جدلا أن التظاهر والاعتصام جريمتان في كل قانون؛ فهل تكون عقوبتهما اكثر من أسبوع أو شهر؟

وفي الختام وبناء على ما سبق تشد جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية على يدكم يا خادم الحرمين، وتنتظر منكم عاجلا:
أولا: رفع الظلم عن الأخوين محمد العتيبي وخالد العمير، بإطلاق سراحهما فورا، لأن اعتقالهما اعتقال تعسفي صريح، لأنهما لم يخالفا القانون، وإنما مارسا حقهما الطبيعي في التعبير السلمي.
ثانيا:إنصافهما بتعويضهما عن مانالهما ونال أسرتيهما من أذى.
ثالثا: حمايتهما من ما يحتمل أن يدبر لهما في الخفاء من فبركة تهم جنائية عليهما، تبرر سجنهما أو تشوه جهادهما المدني الرائع.
رابعا: تقصي حقائق إيقافهما، والتحقيق مع الجهات التي انتهكت حقوقهما وتقديم المتورطين إلى محاكمة عادلة.
وصدق الله العظيم (( يا داوود! إنا جعلناك خليفة في الأرض، فاحكم بين الناس بالحق، ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله )).‏

والله يحفظكم ويرعاكم

جمعية الحقوق المدنية والسياسية
في المملكة العربية السعودية

تاريخ الارسال:الثلاثاء 19‏/01‏/1431 هـ (‏05‏/01‏/2010)
رقم البريد الصادر: eq049089198sa

مواضيع مشابهه

محاكمة الرشودي أم محاكمة الديوان؟محاكمة الرشودي أم محاكمة الديوان؟

محاكمة الرشودي أم محاكمة الديوان؟  بيان عن مجريات (الجلسة الثامنة: جلسة النطق بالحكم) في قضية  الشيخ/ سليمان الرشودي  أحد مؤسسي أول جمعية لحقوق الإنسان في البلاد وعضو جمعية الحقوق السياسية

إقـرأ المزيدإقـرأ المزيد

حسم تطالب النظام السعودي بتحمل مسؤولياته تجاه الشعب والوطن وتغليب المصلحة العامةحسم تطالب النظام السعودي بتحمل مسؤولياته تجاه الشعب والوطن وتغليب المصلحة العامة

بسم الله الرحمن الرحيم حسم تطالب النظام السعودي بتحمل مسؤولياته تجاه الشعب والوطن وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة للأسرة الحاكمة الرياض, المملكة العربية السعودية الاثنين 26 ربيع الأول 1435هـ

إقـرأ المزيدإقـرأ المزيد

البيان 4 من المحاكمة السياسية للدكتور عبدالكريم الخضر عضو حسمالبيان 4 من المحاكمة السياسية للدكتور عبدالكريم الخضر عضو حسم

  بســم الله الرحمن الرحيم   البيان الرابع عن المحاكمة السياسية للمطالب بشروط البيعة (سلطة الأمة) وحقوق الإنسان الأستاذ الدكتور عبدالكريم بن يوسف الخضر وهو من الأعضاء المؤسسين لجمعية الحقوق

إقـرأ المزيدإقـرأ المزيد