جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية مقالات الديمقراطية الكويتية لا تزال مصدر قلق للأنظمة الخليجية؟!

الديمقراطية الكويتية لا تزال مصدر قلق للأنظمة الخليجية؟!

ناصر العبدلي

هناك حملة غير معلنة تتبناها المملكة العربية السعودية عن طريق بعض كتابها تشكك في الديمقراطية الكويتية وتحاول تخويف مواطني الدول الخليجية وليس فقط مواطني المملكة العربية السعودية مما يجري في الكويت من حراك سياسي وإجتماعي باعتباره ‘خطيئة’ يجب عدم التفكير به أو الإقتراب منه ظنا منها أنها تستطيع من خلال ذلك التشكيك تأجيل ‘حتمية’ الديمقراطية أو المشاركة في إتخاذ القرار كما يجري في الكويت عنها.

التشكيك السعودي في الديمقراطية الكويتية نتاج عدم فهم لطبيعة النظام الكويتي وعلاقته بمواطنيه فالأسرة الحاكمة في الكويت هي حل وسط للصراع الإجتماعي الذي صاحب نشأتها الأولى عندما إختير حاكمها صباح الأول شعبيا منذ ثلاثمئة عام وليس من خلال ‘الغلبة’ كما هي بقية دول الخليج العربية مما أعطى طابعا مميزا للنظام الكويتي دون غيره من الأنظمة الخليجية كانت له تبعاته في ملف الديمقراطية.
إختيار الشيخ عبدالله السالم رحمه الله أو ‘أبو الديمقراطية’ كما يحلو للكويتيين تسميته كان تحولا تاريخيا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى إذ ألقى مبادرة تاريخية هو الاخر تمثلت في ‘تقنين’ السلطة القائمة على المشاركة الشعبية من خلال إنتخاب أول مجلس تأسيسي في المنطقة العربية تكون مهمته وضع دستور دائم للبلاد ينظم العلاقة بين الأسرة الحاكمة والشعب الكويتي ويحدد ما هو المال العام وما هو المال الخاص ويقيد السلطة بشكل يكفل للأسرة الحاكمة الإستقرار والإستمرار ويعطي فرصة للتجديد من خلال السماح بإعادة النظر في مواد الدستور بعد مضي خمس سنوات من تطبيقه.
هذه الخطوة من الشيخ عبدالله السالم أغضبت جيرانه في ذلك الوقت وخاصة المملكة العربية السعودية لكن عدواها أنتقلت إلى البحرين ودعتها لتبني نفس فكرة المشاركة الشعبية لكن لم يسمح لها بالإستمرار وحل البرلمان وألغي الدستور في وقت لاحق واليوم بدأت البحرين تتلمس الخطأ التاريخي الذي أرتكبته في ذلك الوقت بالعودة تدريجيا إلى ما رفضته في وقت سابق.
الديمقراطية في الكويت منحت الأسرة الحاكمة والشعب الكويتي استقرارا غاب عن أغلب دول المنطقة. فالصراع الإجتماعي والسياسي يمكن تسويته من خلال المؤسسة التشريعية ووفقا لمواد الدستور، فيما بقية الدول الخليجية بإستثناء البحرين تسوي صراعاتها السياسية والإجتماعية في المعتقلات والسجون.
الديمقراطية في الكويت حددت ما هو المال العام وماهو المال الخاص وأصبحت أموال الدولة تخضع لرقابة صارمة من المؤسسات الرقابية مثل ديوان المحاسبة التابع لمجلس الأمة ولجنة المناقصات المركزية التابعة للحكومة، فيما بقية الدول الخليجية يختلط فيها المال العام والخاص حتى لم يعد يعرف المواطنون في تلك الدول ما الفرق بينهما.
الديمقراطية في الكويت جعلت المواطن الكويتي يعرف بالضبط ما هي مبيعات النفط وكم هو دخل البلاد منها ويعرف بدقة ما هو حجم الإستثمارات وما هي العوائد عليها فيما بقية مواطني دول الخليج لايعرفون مبيعات بلادهم من النفط وأين تذهب تلك الأموال. الديمقراطية في الكويت وهذا هو المهم جعلت المواطن الكويتي يقول رأيه في أي من السلطات وفي أي من الشخصيات العامة ومع ذلك يذهب إلى بيته لينام دون أن يزعجه زوار الفجر، فيما بعض الدول الخليجية يشتم ابناؤها علنا في الوسائل الإعلامية من جانب بعض أفراد الأسر الحاكمة والبعض الاخر ينفون في السجون أو خارج بلدانهم.
إذا كان كتاب السلطة قادرين على إقناع مواطنيهم بخطيئة الديمقراطية الكويتية بعدما أظهرت لهم فوائدها لهم كمواطنين بناء على تجربة مضى عليها ما يقارب 47 عاما فهنيئا لهم هذا الإقناع أما إذا لم يتمكنوا من ذلك فأنصحهم بالإستفادة من معاني تلك المفردات التي احتواها المقال.

‘ كاتب كويتي
صحيفة القدس العربي

مواضيع مشابهه

البطالة في بلادي (1)البطالة في بلادي (1)

 د/ عبدالرحمن بن حامد الحامد·                                                                                                                        اقتصاد إسلامي·   الكلية التقنية في بريدة· moath30@yahoo.coom ج: 0503774446                                               بسم الله الرحمن الرحيم      الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى

إقـرأ المزيدإقـرأ المزيد